أثر المسؤولية الاجتماعية في الأداء: دراسة تطبيقية على الشركات المساهمة السورية

أثر المسؤولية الاجتماعية في الأداء: دراسة تطبيقية على الشركات المساهمة السورية

د. نعيمة بنت إبراهيم الغنًام

رئيسة مكتب خبراء الشبكة الاقليمية للمسؤولية الاجتماعية

ما أجمل اللقاء بكم أيها الأحبة، ونحن نحلق في أرجاء الوطن العربي نستنشق هواء المسؤولية الاجتماعية. وهانحن في هذا العدد من صحيفة التزام نقدم لكم دراسة عن أثر المسؤولية الاجتماعية في الأداء: دراسة تطبيقية على الشركات المساهمة السورية من إعداد الدكتور قدري عثمان إبراهيم. قدمت كأُطروحة لنيل درجة الدكتوراه، تخصص إدارة الأعمال في جامعة دمشق.

المقدمة:

يقول الدكتور قدري، حاز مصطلح المسؤولية الاجتماعية على اهتمام الكثير من الباحثين وعلماء ، كما أثار هذا المصطلح جدلاً واسعاً بينهم، وبلورت حوله الإدارة في العقود الأخيرة  وجهتي نظر رئيسيتين الأولى ترى أن المسؤولية الأساسية للمنظمات هي تعظيم الأرباح ُ بقدر الإمكان وبالتالي خدمة الملاك وتعظيم ثروتهم الأمر الذي سينعكس في النهاية على المجتمع بشكل عام وذلك من خلال السلع والخدمات التي ستقدم له. وصاحب هذا المذهب الإداري الاقتصادي الأمريكي الحائز على جائزة نوبل فيردمان ( ,Friedman ( 1970 ُ الذي يرى بأن المديرين هم وكلاء الملاك وبالتالي ليس من صلاحياتهم القيام ُ بأدوار اجتماعية تؤدي إلى الإضرار بثروة الملاك.

أما وجهة النظر الأخرى فترى أن المنظمات تضخمت بشكل كبير وتزايد تأثيرها في المجتمع ، ولم يعد مقبولاً منها الاهتمام فقط بعنصر وحيد من مجتمعها الذي تعيش فيه ُ وهو الملاك، وبالتالي يجب أن يكون هذا التأثير إيجابياً وفي صالح المجتمع بشكل عام، حيث أن هذه المنظمات تنشأ وتعمل في ظل هذا المجتمع وبالتالي لا يمكنها النجاح والاستمرار بدون القيام بأدوار اجتماعية تجاه هذا المجتمع تجعلها مقبولة لديه وتحظى بالاحترام من قبل مختلف مكوناته، وبالتالي الحفاظ على بقائها واستمرارها

مشكلة الدراسة:

اجريت دراسات قليلة على المستوى العربي لتوضيح طبيعة العلاقة بين متغيرات الدراسة الحالية وهي المسؤولية الاجتماعية والرضا الوظيفي والأداء لدراسة تأثير المسؤولية الاجتماعية والرضا الوظيفي في الأداء، كذلك على المستوى المحلي لم يجد الباحث دراسة تناولت هذا الموضوع، وبالتالي تحاول هذه الدراسة المساهمة في ملئ هذه الفجوة وذلك من خلال دراسة أثر المسؤولية الاجتماعية والرضا الوظيفي في أداء الشركات من خلال عينة من العاملين في الشركات المساهمة السورية، إذ تتجسد مشكلة الدراسة بالأسئلة التالية/

• ما مدى ممارسة المسؤولية الاجتماعية في الشركات المساهمة السورية؟
• ما مستوى الرضا الوظيفي للعاملين في الشركات المساهمة السورية؟
• ما هو مستوى الأداء للشركات المساهمة السورية؟
• هل تؤثر ممارسة المسؤولية الاجتماعية في أداء الشركات السورية المساهمة؟
• هل يؤثر مستوى الرضا الوظيفي للعاملين في أداء الشركات السورية المساهمة؟
• هل تؤثر ممارسة المسؤولية الاجتماعية في مستوى الرضا الوظيفي للعاملين؟
• هل يتوسط الرضا الوظيفي للعاملين العلاقة بين المسؤولية الاجتماعية للمنظمة وأدائها

أهمية الدراسة

تكمن أهمية الدراسة في ناحيتين، نظرية وعملية:

الأهمية النظرية  : تبرز أهمية هذه الدراسة من الناحية النظرية من حيوية الموضوع الذي تطرحه وهو أثر المسؤولية الاجتماعية في أداء الشركات المساهمة السورية، فالعلاقة بين المسؤولية الاجتماعية والأداء تمثل احد المواضيع الرئيسية للدراسة والبحث في موضوع المسؤولية الاجتماعية . (Huang Lin et al, 2009)  كما تنبثق الأهمية النظرية للدراسة من خلال ما تمثله من إضافة للتراكم المعرفي حول موضوع المسؤولية الاجتماعية للمنظمة وعلاقته وأثره بكل من الرضا الوظيفي والأداء، فعلى الرغم من كثرة الدراسات الأجنبية بشكل عام، إلا انه مازال هناك قصور من قبل الباحثين على المستوى المحلي والعربي في مناقشة هذا الموضوع.

الأهمية العملية

• تركز هذه الدراسة على العلاقة بين المسؤولية الاجتماعية للمنظمة والرضا الوظيفي وأثرهما في الأداء، من خلال عينة من الشركات المحلية تلعب دور هام في الاقتصاد السوري سواء من حيث حجم رأس المال أو من حيث عدد العاملين فيها، وبالتالي فإن نتائجها يمكن أن تكون على قدر كبير من الأهمية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، كونها يمكن أن تساعد هذه الشركات في توضيح الممارسات التي قد تؤدي إلى تحسين قدرتها على مواجهة تحديات المنافسة الحالية والمستقبلية. فدراسة العلاقة بين هذه المتغيرات
• يمكن أن تساعد هذه الدراسة متخذي القرارات وراسمي السياسات في الشركات المدروسة والجهات ذات الاهتمام بموضوع المسؤولية الاجتماعية بالتركيز على المجالات التي تحتاج للمزيد من الاهتمام الذي قد ينعكس إيجاباً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
• قد تدفع نتائج الدراسة الشركات للاهتمام في المسؤولية الاجتماعية والرضا الوظيفي للعاملين فيها الأمر الذي يمكن أن يشكل أرضية صلبة ترتكز عليها لمواكبة التغيرات البيئية والتنافسية، فالباحث يأمل أن تسهم نتائج دراسته في زيادة التلائم بين الشركات المدروسة والمجتمع الذي تعمل به مما يقود لتحسين صورتها الأمر الذي يمكن أن ينعكس على تنافسيتها.

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة إلى تحقيق ما يلي :

• دراسة مدى ممارسة المسؤولية الاجتماعية في الشركات المساهمة السورية.
• قياس مستوى الرضا الوظيفي للعاملين في الشركات المساهمة السورية.
• تحليل مستوى الأداء في الشركات المساهمة السورية.
• قياس أثر المسؤولية الاجتماعية والرضا الوظيفي في الأداء في الشركات المساهمة السورية .
• قياس أثر المسؤولية الاجتماعية في الرضا الوظيفي في الشركات المساهمة السورية .
• دراسة فيما إذا كان الرضا الوظيفي للعاملين يتوسط العلاقة بين المسؤولية الاجتماعية للمنظمة وأدائها.

ومن أجل تحقيق أهداف الدراسة استخدم الباحث المنهج الوصفي والاسلوب الارتباطي، وصممت استبانة لجمع البيانات الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية والأداء، وزعت على عينة من المدراء في الشركات المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية بلغت ( 103 )  من المدراء.

كما صممت استبانة ثانية لقياس الرضا الوظيفي للعاملين في الشركات المدروسة تكونت من عدة أبعاد ووزعت على عينة قدرها ( 211 (موظف في الشركات المدروسة، حيث استخدم البرنامج الإحصائي .   (SPSS:21 ) لتحليل البيانات التي جمعت بواسطة الاستبيانتين كما قام الباحث بالاعتماد على المنهجية النوعية من خلال إجراء مقابلات مع (25) مدير في الشركات المدروسة، والتي من خلالها وباستخدام منهجية تحليل المضمون استنتج واقع المسؤولية الاجتماعية للمنظمة على مستوى التطبيق، وعلاقتها بالمتغيرات المتعلقة بمشكلة الدراسة وأسئلتها الأساسية.

نتائج الدراسة

أجابت هذه الدراسة على السؤال الرئيسي التالي، ما هو أثر المسؤولية الاجتماعية والرضا الوظيفي في أداء الشركات المساهمة السورية ؟ وبالتالي نتائجها يمكن أن تساعد هذه الشركات في توضيح الممارسات التي تؤدي إلى تحسين قدرتها على مواجهة تحديات المنافسة الحالية والمستقبلية، من خلال زيادة التلاؤم بينها وبين موظفيها والمجتمع الذي تعمل به ، الأمر الذي يمكن أن ينعكس على أدائها.

خلصت الدراسة إلى أن الشركات المدروسة تمارس المسؤولية الاجتماعية بدرجة ُ متوسطة حيث بلغ متوسطها الحسابي(3.72) وبأهمية نسبية قدرها .( %74.40 )

توصلت الدراسة أيضاً إلى أن الرضا الوظيفي للعاملين في الشركات المدروسة متوسط  بشكل عام حيث بلغ متوسطه الحسابي (3.63) وبأهمية نسبية قدرها ( %72.60 )  كما تبين من نتائج الدراسة أن هناك أثر ذو دلالة إحصائية:

1-  للمسؤولية الاجتماعية في الرضا الوظيفي

2- للرضا الوظيفي في الأداء

3- للمسؤولية الاجتماعية في الأداء

وأن الرضا الوظيفي للعاملين يتوسط العلاقة بين المسؤولية الاجتماعية للمنظمة وأدائها. أوصت الدراسة إدارات الشركات المدروسة بالمزيد من الاهتمام فيما يتعلق بدعم المجتمع المحلي في مجالات مثل التعليم ، والصحة ، والمؤسسات الخيرية ، والبنية التحتية ، والمساهمة في حل المشاكل والتخفيف من الأضرار التي تحل بالمجتمع أثناء الأزمات. حيث بينت النتائج أن بعد المسؤولية الخيرة كان متوسطه الحسابي منخفض. وأن تعمل على مراعاة ارتفاع المتطلبات المعيشية، فتعمل على تحقيق التوازن بين هذه المتطلبات وبين الراتب الممنوح للعاملين لديها. لما لذلك من أثر في الرضا الوظيفي لهم، في ظل ُ النتائج التي بينت تأثير الرضا الوظيفي في أداء هذه الشركات. إذ تبين أن بعد الراتب والمكافآت كانت درجته منخفضة.

كما أوصت الدراسة بأن تعمل الشركات المدروسة على رفع مستوى المسؤولية الاجتماعية لديها، إذ تبين من نتائج الدراسة التأثير الإيجابي لذلك في الرضا الوظيفي للعاملين في هذه الشركات، و في الأداء. و زيادة اهتمام الشركات المدروسة بالرضا الوظيفي للعاملين من أثر ُ فيها، لما له في رفع مستوى أداء هذه الشركات.

تمت بحمد الله