البر والإحسان من منظور المسؤولية المجتمعية
بقلم : د.عبير أحمد الجودر
غالبا ما نفصح عن مايجول بخواطرنا عن المسؤولية المجتمعية كل من منظوره الخاص ، ومن زوايا متعددة لرؤية حاضرة ومستقبلية حول أهمية ان تكون مسؤولا، سواء إن كنت مسؤولا في القطاع الحكومي أو الخاص، أو كنت موظفا أو عاملا، أو مربيا فاضلا ، أو مواطنا صالحا، وإن كنت طفلا فأنت مسؤول في حدود عالمك واهتماماتك لتصبح انسانا مسؤولا عن وطنك وعن العالم أينما كنت.
إلا أننا عندما نتحدث عن المسؤولية المجتمعية تجاه الوالدين وكبار المواطنين عمرا فقد نتحدث عن أمرين، أحدهما أمر إلهي لكل ابن وإبنة والداهما على قد الحياة أو أحدهما، والأمر الآخر مسؤولية مجتمعية لها من الأجر العظيم من الله في الأخرة والبركة في الحياة الدنيا. يقول الله في محكم كتابه:
((وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)).
قضى الله بأن العبادة لله وحده، فقضاء الله جل وعلا هنا هو أمر منتهي لا نقاش فيه، الأمر العظيم هنا ان الله سبحانه ألحق بهذا الأمرقوله ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) ليعلمنا بأمر أخر يجب الطاعة فيه: وأمركم أيضا بالوالدين إحسانا أن تحسنوا إليهما وتبرّوهما. فتعلق القضاء بالإحسان أيضا، آمرك به خيرا، وأوصيك به خيرا، بمعنى: آمرك أن تفعل به خيرا.
نعم، إنه أمر إلهي، البر والاحسان للوالدين، لما لهما من فضل عظيم في رعايتنا وتربيتنا ولما للأم من فضل اكبر من الأب في ذلك، وضحه رسولنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام في حديث أبي هريرةرضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ -يعني: صحبتي، قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك[1]. متفق عليه.
نعم أمر إلهي عظيم لما للوالدين من فضل لا يعد ولايحصى ولايسع له المقال هنا ولا الكتب مهما تحدثنا عن ذلك الفضل فهي مشاعر لا تخط ولا يمكن بلوغها، لذا وجب ان نتمعن في هذا الأمر الإلهي وأن نسع بكل ما أوتينا من فكر ومشاعر وأحاسيس وعلم وثقافة للبر بوالدينا برا سيعود إلينا من أبنائنا، ومهما تحدثنا عن وجودهما وبرنا لهما ومهما تخيلنا فراقهما في يوم ما فلن يعادل ذلك جزء يسير من تلك المشاعر وكيفية فقد أحدهما وبأن بابا من أبواب الجنة قد سُد بوفاة أحدهما، وإن كان البر سيستمر بعد ذلك بالدعاء لهما والتصدق عنهما، إلأا أن البر في حياتهما شعور يطمئن قلبك بعد فراقهما.
من هنا أذكر نفسي وإياكم بهذا البر العظيم لنيل رضا الله جل وعلا طاعة له ولما أمرنا به وأن يعيننا على بر والدينا أحياء وأموات وأن يرزقنا بر أبنائنا. ولا يخفى على من يتابعون انجازات شبكتنا للمسؤولية المجتمعية ودورها في رعاية الوالدين وكبار المواطنين في مجتمعاتنا والتي تتمثل في تخصيصها مركز متخصص معني برعاية كبار السن ، وإدارتها كذلك لمدينة رقمية توفر معلومات ومعارف للمتخصصين والمهتمين بمجالات كبار السن بالمنطقة العربية ، وكذلك تنفيذها للعديد من برامج بناء القدرات ، إضافة إلى بحوث ودراسات وملتقيات وجوائزمهنية متخصصة في مجال رعاية كبار السن.
كل ذلك ننقله لكم من خلال صحيفتنا المميزة صحيفة إلتزام، على أن نكون ملتزمين معكم ضمن مسؤوليتنا المجتمعية لمافيه خير وصلاح مجتمعاتنا.
رئيسة التحرير.. صحيفة التزام