التواضع في التطوع و العمل الإجتماعي
بقلم: الإستشارية الإجتماعية هيفاء الخنفر
في كتابه “قرارات تغير حياتك” تحدث هال إيربان عن التواضع وهو من أعظم الدروس التي نتعلمها و أكثرها إفادة حين نعرف حقيقة أنفسنا وأن نعترف بما نحن عليه من ضعف وفشل وأن نتبنى رأياً متوازناً عن أنفسنا.
تخيل العالم لو تواضع كل منا قليلاً، من المؤكد إنه سيكون مكاناً أجمل، لوكنا مستعدين لأن نقر بجهلنا بالكثير من الأمور، وبأن لدينا الكثيرمن نقاط الضعف وبأننا نخطئ ونصيب، والأجمل لو أكثرنا من إعترافنا بأخطائنا والإعتذار عنها وسيكون أفضل وأفضل لو إننا تعاملنا مع بعضنا البعض دوماً على أساس من الإحترام والنزاهة المتبادلة، فالقليل من التواضع كفيل بجعل العالم مكانا أفضل. فلماذا كان افتقاد التواضع مشكلة؟
ذلك بسبب اشتراكنا جميعاً بالإنشغال في نفسه وهي طبيعة الإنسان، فمنذ قدومنا إلى هذه الدنيا ونحن نعتمد بشكل كامل على الآخرين في إستمرارية حياتنا وفي الشعور بالراحة خلالها حتى نظن أن العالم يدور في فلكنا كما أننا نكبر داخل مجتمع يعمق هذا التوجه من خلال ما يفرضه علينا من ظروف إلى أن نكون الأول في كل شئ وإشكالية هذا تكمن في أننا لو اكتسبنا جميعاً هذا التفكير الأناني فلن نجني سوى أن نجعل حياة الغير أشد صعوبة مما هي عليه وبالتبعية نصعبها على انفسنا.
أما السبب الآخر في أن عدم التواضع يمثل مشكلة هو أن هذه الصفة تصور دوماً على أنها نوع من الضعف، فكثير يربطونها بالوداعة والرقة واللين بل والضعف إلا أن التاريخ يقدم لنا العديد من الأمثلة التي تثبت عكس هذا، فما التواضع إلا علامة قوة وهو أمر أثبته العديد من قادة العالم.
وقد وضح الكاتب جون بالدوني في كلماته عن التواضع بأن التواضع دليل على الإهتمام بالغير والرحمة بهم كما أنه عنوان أصالة النفس، فعلى القائد الذي يريد من الآخرين أن يتبعوه أن يكون قائداً متفهماً للطبيعة البشرية وبالأخص طبيعته أولاً، ويكاد كافة المؤرخين يجمعون على أن ابراهام لينكولن قد جمع بين عظمة الرئاسة وروعة الخلق وكان مفتاح نجاحه هو قدرته على إخراج أفضل ما في الآخرين.
فقد كان محاطا داخل البيت الأبيض برجال من ذوي المهارات الهائلة والمعتزين بأنفسهم إلى أقصى الحدود، فمدح ما حققوه وساعدهم في أن يخدموا بلدهم.
التواضع صفة لا نتعلمها في الجامعة أو المدرسة لأنها نمط وأسلوب حياة ولا تأتي إلا من قوة الشخص، إذ لا يمكن أن تجد هذه الصفة عند الضعفاء.
أيمكن أن يتغير عالم بأكمله إلى الأفضل لو أن شخصاً واحداً فقط ازداد في تواضعه؟ كلا، أيمكن أن تتغير حياة هذا الشخص للأفضل لو أصبح أكثر تواضعا؟ نعم، فحينما نزداد تواضعاً نبتعد عن التركيز على أنفسنا، وبالتالي نصبح أشخاصاً أفضل، فنكون أشد عطفاً ورعايةً للغير، كما أن حياتنا تتحسن وكذلك حياة الآخرين وحياة من حولنا.