أماني الشعلان:
مع توجهات رؤية المملكة العربية السعودية 2030 فيما يتعلق بمحور المسؤولية الاجتماعية وأهم عناصرها المتركزة حول التمكين والبناء وإيجاد الحلول الاجتماعية الريادية، بدأت العديد من كبرى الشركات السعودية اليوم على إحداث تحول جذري في أعمال مسؤوليتها الاجتماعية من مشاريع صغيرة أو حملات قصيرة المدى أو حملات عاطفية تسويقية إلى توجهات استراتيجية تجعل لكل شركة مسارها المسؤول وواجبها تجاه الوطن والمواطن (المواطنة). وهذا التوجه المتجدد جاء استجابة لاستعداد المنظومة الوطنية اليوم لمسؤولية اجتماعية ذات أثر على جودة حياة الناس، تبتكر الحلول الاجتماعية الريادية والتي تبرز بدورها قوة الموارد التي تملكها هذه الشركات.
تتطلب مؤامة التوجهات بناء استراتيجية وهي وحدها لا تكفي مالم تهيئ لها (الثقافة)، فالثقافة تقتل الاستراتيجية، وفيما يتعلق بثقافة المسؤولية الاجتماعية ما زال الكثير يعتقد بأنها مرتبطة تماما بالمنح والعطاء للجمعيات التي تعنى بالفئات الأقل حظاً، هذا الاعتقاد صحيح إلا أنها ليست كل الحكاية، مثلما هناك توجهات خيرية تشكل مكون بسيط ضمن دائرة الاستدامة للناس، فهناك دوائر أخرى تتعلق بالأعمال و البيئة وعندما تعمل كل شركة وفق توجهاتها المحددة فسنلاحظ حتماً بأن المسؤولية الاجتماعية قصة ذات أثر جديرة بالانتشار.
الجدير بالاهتمام، بأن الأشخاص بداخل الشركات هم من يصنع هذه الثقافة المسؤولة والتي تساهم بدورها في بناء توجهات قوية للشركة نحو الاستدامة، وهناك أمثلة كثيرة حول العالم لشركات فشلت استراتيجيتها في المسؤولية الاجتماعية بسبب غياب تبني ثقافة بداخل الشركة، ولعلي هنا أتطرق لمقتطفات من كتاب (قيادة التغيير نحو الاستدامة) للكاتب بوب دوبلت والذي أسهب فيه وفق دراسات مكثفة استمرت لثلاثة سنوات بأهمية تهيئة الثقافة; التربة الخصبة لضمان نجاح الاستراتيجية والتي لا ترتبط في كل الأحوال بالممارسات التقنية والمالية أو الخطط وتحديث السياسات بل أكد دوبلت بأن العنصر البشري هو عامل النجاح الأول بجانب العوامل المذكورة سلفاً فإذا فُقد بإعداده لتبني الاستراتيجية فستظل مشروع حالم!
يذكر وبلت في كتابه بأن معظم الشركات التي حققت تغيراً ثقافياً فعال تبنت نوعين من التغيير الأول متعلق بأنظمة بتغيير أنظمة الحوكمة أما الثاني فهو المتعلق بوجود القيادة الفعالة بداخل المنظمة، لكن يبقى السؤال هل يختلف الأمر من شركة لشركة أخرى بحسب حجمها، ونموذجها أو توجهاتها؟ وهل لثقافة المنظومة دورها لبناء وتمكين هذه الثقافة من خارج الشركة لداخلها؟.
كتب باول كلين، متخصص في مجال الحلول الاجتماعية ومؤسس شركة (امباكت) الكندية ” تشكلت ثقافة المسؤولية الاجتماعية في كندا منذ فترة طويلة نحو قضايا البيئة والطاقة والتي تلعب دوراً جوهرياً في كتابة قصة كندا في هذا المجال”.
ويؤكد الرئيس التنفيذي لشركة Bullfrog Power الكندية بأن ثقافة شركته نحو الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية تتوائم مع اهتمامات الشعب الكندي فيما يخص تغيير ثقافة استهلاك الطاقة تتكامل مع قيمهم أولاً” فيعطي درس في كيفية تصميم ثقافة المسؤولية الاجتماعية بداخل الشركات مفادها إيمانه العميق بأنه كلما ربطت الشركات الكندية قيمها نحو المسؤولية الاجتماعية بقيم المجتمع فإن هذه القيم ستتحول من كونها مبادرات إلى ممارسات، لأننا نعطي العميل الخيار! .
ويبقى السؤال هنا، عندما نملك استراتيجية واعدة -كيف يعرفها العميل؟ – هي الثقافة التي نعرفك بها.