كتبه : عصام بابكر
كثيرا ما تجد انه ينسرب من بين حديث المختصين والخبراء في مجال المسؤولية المجتمعية أنها أصبحت الإتجاه السائد ولكن القليل من يطبقها بصورة صحيحة , فالبعض يطلق مبادرات لا تحمل ملامح الاستدامة بغية تحقيق أهداف قصيرة المدى إستجابة لخطة تسويقية او دعما لحملة للعلاقات العامة , ويظن أنه قد بلغ المدى وأسعد المجتمع بمشروع ممتاز , وهو في نشاطه الأساسي كثير الغش يطلق أكاذيبه عبر دعاية متقنة لخداع الناس بلا وازع من دين أو عاصم من أخلاق فاضلة , فهو بهذا الفعل الهش لا يتجاوز محطة الغسيل الأخضر صنو الغسيل الابيض الذي اشتهرت به أقبية السياسة , فماهي حاجة المجتمع لشركة أو مصنع ينتج السموم ثم يبني مدرسة في حي فقير مجاور قد تنفس أهله السم الزعاف من مخلفات التصنيع التي تنتهك حرمة الانسان وتقضي على جمال البيئة .
فالمسؤولية المجتمعية نهج إداري متكامل يدمج الشواغل الإقتصادية والإجتماعية والبيئة في نشاط المؤسسة ,وهي تمضي في تحقيق أهدافها محاطة بسياج أخلاقي متين يتبدى من خلال العمل الروتيني والنشاط اليومي والعمل الإداري ,كما أنها تبقى راسخة و مركونة في جوهر الإستراتيجية , فكما يقولون السلوك الأخلاقي المسؤول ينتج عنه نجاح عمل ثابت , وفي ظني أن مصطلح المسؤولية المجتمعية فيه كثير من الغموض الذي يحتاج الى الكثير من العمل التوعوي حتي يستوعبه عموم الناس فضلا عن المؤسسات التى تريد أن تصبغ توجهها العام به لتحقيق النجاح المستدام , فالمجتمعات الغربية قد بلغ طيف واسع من شركاتها شأوا عظيما في تطبيق المفهوم , فمثلا نجد شركة الإتصالات البريطانية اثنين مليار من مبيعاتها يحمل محتوي يخدم المسؤولية المجتمعية وتنفق بشكل مباشر واحد وعشرين مليون دولار على مشروعات وبرامج المسؤولية المجتمعية في العام , وترى أن المجتمع الذي يحمل تطور مستدام سيؤثر في مستقبل مبيعات الشركة , فما بال شركاتنا التى ترجو بعملها إبتغاء وجه الله و الدار الأخرة وليست تحقيق السمعة الحسنة أو بناء الصورة الذهنية الجيدة فقط , مابالها تتقاعس عن القيام بدورها في هذا الأتجاه .
بقدر الإحباط الذي قد يصيبك أحيانا من ان تعزيز مفهوم المسؤولية المجتمعية ونشره تطبيقاته الجيدة بين مؤسساتنا يحتاج الى زمن طويل وجهود مضنية , تحس بالسعادة الغامرة عندما ترى الجهود المبذولة من كيانات حكومية وغير حكومية تعمل هنا وهناك في العالم العربي لتسريع الخطوات , وكذلك ترى نماذج مشرقة من شركات ومؤسسات تبعث الأمل بان المستقبل سيكون مشرق وغد المسؤولية المجتمعية واعد في بلادنا بإذن الله والله الموفق.