بقلم: سعادة الشيخ عبدالله بن سالم الرواس
السفير الدولي للمسؤولية الاجتماعية
المفوض الأممي للترويج لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة
رئيس الشبكة الاقليمية للمسؤولية الاجتماعية- سلطنة عمان
زيادة الوعي العام بالمسئولية المجتمعية سواء لمؤسسات الدولة أو للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني يزداد عام بعد عام وهو مؤشر ايجابي لنهضة المجتمع ككل، فالمجتمع العُماني بالفطرة لديه احساس بالمشاركة المجتمعية الايجابية، وهو الامر الذي ظهر جلياً عندما تضافرت جهود كافة مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والافراد لمواجهة اعصار ميكونو الذي ضرب اجزاء من جنوب السلطنة في محافظة طفار والمناطق المجاورة، مما أدى فى نهاية المطاف إلى تحقيق نجاح باهر فى الحد من الاثار السلبية للاعصار، بالاعتماد على العناصر الوطنية فقد، ودون أي تدخل خارجي، الأمر الذي أذهل العالم أجمع، وجاءت عدة إشادات دولية بذلك، ولا ننسى أن الفضل في ذلك يعود إلى القيادة الرشيدة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد – حفظه الله ورعاه – والذي أسس لنهضة تنموية وبنية اساسية قوية استطاعت مواجهة كافة الظروف العصيبة التى مرت بها السلطنة في الفترات السابقة.
وعندما تذكر المسئولية الاجتماعية للشركات فلابد من الحديث أولاً عن مفهوم المسئولية بشكل عام الذي يعرف على أنه واحد من القيم الاجتماعية التي يجب أن يتمسك بها الفرد، حيث أن النجاح في تحمل المسئولية يعني نجاحك في العمل ونجاحك في الحصول على ما تريد، كما أنها تتطلب منك أن تعرف ما لك وما عليك من حقوق، حيث أنه يجب أن تعرف واجبك تجاه الآخرين، كما أن الفشل في تحمل المسؤولية يعني فشلك في حياتك.
أما بالنسبة لمفهوم المسؤولية الاجتماعية فى الشركات والمؤسسات فقد يختلف من جهة إلى أخرى، حيث لم يتم تعريف مفهوم المسؤولية الاجتماعية بشكل محدد وقاطع في وطننا العربي، كي يكتسب بموجبه قوة إلزام قانونية وطنية، تدفع باتجاه تحمّل القطاع الخاص مسؤولياته المجتمعية.
وبالتالي تعد النظرة التقليدية للمسئولية المجتمعية للقطاع الخاص غير مقبولة حالياً، وبرغم أن الدور الذي تؤديه مؤسسات القطاع الخاص في التنمية والحوكمة قد تطور تطوراً جذرياً في العقود الماضية، الا أن الفكرة السائدة بأن دور القطاع الخاص ينبغي أن يقوم على تعظيم الإنتاج والربح – على افتراض أن الحكومة عموماً فقط هي التي ينبغي أن تأخذ على عاتقها قضايا الرعاية الاجتماعية والبيئية – مرفوضة رفضاً تاماً.
والجدير بالذكر أنه في السنوات الماضية ظهرت العديد من المناقشات حول مسألة ما إذا كانت المسئولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات يجب أن تكون طوعية أو لا، خاصة ما يتعلق منها بتزايد التحديات البيئية في مجالات مثل تغير المناخ.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المسئولية الاجتماعية لم تعد مجرد قرار أو مِنة أو فضل تتخذها هذه الشركة أو تلك المؤسسة سواء كانت حكومية أو خاصة أو منظمة من منظمات المجتمع المدني، بل باتت في الوقت الراهن من أهم عناصر المنافسة التجارية بين المؤسسات المختلفة.
فالمسئولية الاجتماعية للشركات وما تقوم به لمساندة الدولة وبخاصة فى وقت الازمات يعد بمثابة واجباً ورد جميل للوطن، ولا يمكن القبول بفكرة أن تصبح المسئولية الاجتماعية مجرد وسيلة من وسائل التباهي بين الشركات أو مؤسسات القطاع الخاص والمدني.
وفي هذا الاطار، لابد من تطوير وجهة النظر الشركات والمؤسسات بالمسئولية الاجتماعية، لكى نتخلص من الافكار القديمة التى تربط بينها وبين العمل الخيري والتبرعات، حتى نصل الى تطبيق مفهوم المسئولية الاجتماعية الحديث الذى يشمل الاهتمام بكافة المجالات التى تساهم فى تحقيق الرفاهية للفرد والمجتمع ككل، بجانب المساهمة فى تنفيذ خطط الدول للتنمية المستدامة.
وأخيراً، نتوجه بالشكر والتقدير للشركات التي تتحمل مسؤوليتها تجاه المجتمع وتعمل فى صمت لمساندة الدولة فى تنفيذ خطط التنمية الشاملة، والنقد سيبقى السيف المشهر ضد الشركات غير المبادرة في العطاء أو التي تساهم على استحياء أو بشكل شحيح أو التي تتباهي بأنها تشارك في تنمية المجتمع، لاننا فى النهاية نستطيع التمييز بينهم بسهولة، وبالتالي سيتم ذكر الشركات المعطاءة دائماً بالخير.