ثقافة العنف لدى الشباب،،، خطر يهدد الاستدامة
المحامي
عبدالله ضعيان العنزي
إن أهداف التنمية المستدامة التي عملت الأمم المتحدة على تحديدها كجزء من خطة جديدة تعتبر رؤية لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة ، فضلًا عن ترابط الأهداف فإنها أيضا تصبو نحو تحقيق الازدهار والسلام والعدالة. ففي أكثر من هدف وغاية كانت تلك الرؤية تنادي بالاهتمام بالعنصر البشري كأُس للتنمية المستدامة، وضرورة الاهتمام بقضايا الصحة والسلام وقد عنت بجميع فئات المجتمع دونما أي تمييز أو تفضيل فئة على أخرى، وفي هذا المقال سنتعرض فقط لفئة الشباب ونوجز ذلك بتسليط الضوء على جزء يسير من مشاكل الشباب وهو ظاهرة العنف،،، ونقتصر فقط على العنف الجسدي دون التطرق لأنواع أخرى من العنف، حيث أن تزايد العنف حجما ونوعا وأسلوبا بين معشر الشباب في شتى أرجاء البسيطة يشكل خطر كبيرا يمكن وصفه بأنه “وباء العنف”، وبحق فقد دق ناقوس الخطر.
يُسجّل كل عام في جميع أنحاء العالم، حدوث نحو 200000 جريمة قتل بين الشباب من الفئة العمرية 10-29 سنة، ممّا يمثّل 43% من العدد الإجمالي لجرائم القتل التي تحدث سنوياً على الصعيد العالمي. مقابل كل شاب يُقتل، يوجد 20 إلى 40 شاباً يتعرّضون لإصابات تقتضي دخولهم المستشفى لتلقي العلاج، حسب احصائيات منظمة الصحة العالمية
ووفق التقرير الدولي لها يتحدد مفهوم العنف وهو التعريف الذي استخدمته دراسة الامم المتحدة عن العنف ضد الاطفال: “العنف هو الاستخدام القصدي بالتهديد او بالفعل، للإكراه البدني أو للقوة ضد ذات الشخص، ينتج عنه قصدا أو احتمالا وفاة أو أذى نفسي أو اعتلال. والجدير بالذكر أنّ جرائم القتل وحالات العنف غير المميتة المُسجّلة بين الشباب لا تسهم بقدر وافر في العبء العالمي الناجم عن الوفيات المبكّرة والإصابات والعجز فحسب، بل تلحق أيضاً بوظائف الشخص النفسية والاجتماعية آثاراً خطيرة تدوم مدى الحياة في غالب الأحيان.
وتتعدد أسباب العنف بتعدد عوامله المتلازمة، وبما أن مشكلة العنف قضية مجتمعية وقضية أمن وطني من الدرجة الأولى فلا بد من تضافر جميع الجهود في الدولة، والمنظمات المدنية، لحاضر ومستقبل استدامة المجتمعات وتنميتها على الوجه الافضل وذلك بتأطير المشكلة أولا ومن ثم وضع الحلول لإيجاد العلاج الناجع ومنع تفاقمها أو حتى استمراريتها، وأن يكون تدخل الجهات المعنية متعدد المداخل ليكون استراتيجية ضرورية للتغيير المستدام والقابل للتعميم، دونما الاكتفاء بالإيلام والعقاب وأسلوب الزجر والتهديد، وأن يعهد لمجموعة من المختصين لتفعيل برامج خدمات الارشاد والعلاج النفسي، والوقاية خير من العلاج.