د. نعيمة إبراهيم الغنّام
رئيس مجلس خبراء تحرير صحيفة التزام
رئيس مجلس خبراء الشبكة الإقليمية للمسؤولية الأجتماعية
لكم أيها الأحبة ، من يحملون في قلوبهم الحب الإنساني بدون انتظار المقابل.مقدمين إشراقة تفاؤل ، تعزفون أملاً من خلال التزامكم بالمسؤولية الاجتماعية لأوطانكم.ووطنكم الأم الكبير الوطن العربي.تسعدون بهذا البحث والذي قدمه الباحث السيد محمد القواق من جامعة محمد الخامس ،الرباط ،المغرب .[1]
المقدمة :
تسعى الشركات والمؤسسات الاقتصادية دائما إلى الحصول على أكبر قدر ممكن من الأرباح والعوائد ، إلا أن هذا الأمر لا يعفيها من تطبيق مسؤولياتها المجتمعية، فالعالم يتسم بالسرعة وتشابك المصالح ، ومن ثم لم يعد تقييم عمل المقاولات يتوقف على أساس رقم الأعمال الذي تحققه ، بل أصبح من الضروري الالتفات إلى البيئة ومحيط المقاولة ومدى مساهمتها في التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر. لذلك تنامت المسؤولية الاجتماعية في العديد من المقاولات، عبر وضع برامج تطوعية تحقق تحسين الجودة الاجتماعية والبيئية لأنشطتها، بعيدا عن الالتزامات البيئية والقانونية، دون المساس للفعالية الاقتصادية والمالية.
كما أضحى موضوع المسؤولية الاجتماعية للمقاولة يفرض نفسه اليوم في عالم الأعمال وكذلك على المستوى الأكاديمي ، سيما بعد تزايد الضغوط الشعبية والكوارث والفضائح الأخلاقية والتطورات التكنولوجية المتسارعة، وتفشي وتنوع المخاطر المهددة للبيئة وتهميش الأبعاد الاجتماعية ، مما مهد الطريق لتنامي الأزمات الدولية على الرغم من تواجد كثير من الاتفاقيات الأممية التي تؤدي إلى حفظ كرامة العمال أثناء القيام بواجبهم داخل المقاولة.. مما جعل العديد من الشركات والمقاولات تسعى إلى تبني برامج فعالة للمسؤولية الاجتماعية للمقاولة.كما أصبح الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية مطلبا أساسيا للحد من الفقر من خلال التزام المؤسسات الاقتصادية من شركات محلية أو مؤسسات دولية بتوفير البيئة المناسبة للعمل ، وعدم تبديد الموارد ، والقيام بعمليات التوظيف والتدريب ورفع القدرات البشرية ، ومساندة الفئات الأكثر احتياجا. لكن كون المقاولة مسؤولة اجتماعيا ليس معناه فقط الوفاء تماما لالتزامات العمل الجارية فقط، بل تتجاوز ذلك إلى الاستثمار أكثر في الرأسمال البشري والبيئة والعلاقات مع أصحاب المصالح.
أهمية البحث
تنبع أهمية الموضوع في كونه يعالج أحد المواضيع الراهنة ، ويركز على الاهتمامات الاجتماعية والبيئية التي تعتبر المعايير الأساسية في تحقيق التنافسية والاستدامة ، ويحتل مرتبة مهمة ضمن الأولويات التي تشغل الرأي العالمي خصوصا بعد تنامي وتزايد المخاطر المهددة للبيئة ، إضافة إلى أن الموضوع يعطي للمقاولات شرعية أكثر، ويضمن لها صورة أفضل لدى الرأي العام ، من خلال القيام بدورها اتجاه المجتمع.
هدف البحث
هدفت هذه الورقة البحثية إلى اختبار العلاقة بين تبني المقاولات الصغرى والمتوسطة لبرامج المسؤولية الاجتماعية والبيئية، وتحقيق التنمية المستدامة، وتبيان مدى التزام هذه الشركات بمسؤولياتها اتجاه المجتمع ، وكيف أن مكان المقاولات التي تطبق مفهوم المسؤولية الاجتماعية في بيئتها العملية ونشاطها الخارجي ، تتعاظم وتتزايد شعبيتها بشكل إيجابي، ويزيد ولاء الجمهور لها مما يدعم تنافسيتها الاقتصادية. كل ذلك من خلال الاعتماد على المنهج التحليلي والمنهج المقارن.
تساؤلات البحث
تطرح الورقة التساؤلات التالية : ما هو المقصود با المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص ؟ وما هي آليات تفعيل المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة الصغيرة والمتوسطة؟ وكيف يمكنها المساهمة في التنمية المستدامة؟ وما هي الدوافع التي تشجع هذه المؤسسات على الاضطلاع بمسئوليتها الاجتماعية؟ وما هي التحد يات التي تواجهها للقيام بدورها الاجتماعي؟
آليات واستراتيجيات
لكي تنجح المقاولة الصغرى والمتوسطة في تبني وتفعيل برامج المسؤولية الاجتماعية على أرض الواقع، فإنه عليها وضع استراتيجيات لتطوير المسؤولية الاجتماعية شأنها ِشأن المقاولات الكبرى، تنبني على ثلاثة مراحل أساسية تتمثل في : مرحلة التخطيط، ومرحلة التنفيذ، ومرحلة المتابعة والتحسين المستمر.
معوقات تفعیل المسؤولة الاجتماعية من طرف المقاولات الصغیرة والمتوسطة
على الرغم من إزدياد الوعي لدى الدول العربية بأهمية تفعيل وتطبيق المسؤولية الاجتماعية، فإن المقاولات الصغرى والمتوسطة لدى هذه الدول لا زالت نسبة تبنيها لبرامج المسؤولية الاجتماعية ضعيفة نسبيا مقارنة بنظيرتها الأجنبية، فهناك عدة عقبات تقف كحاجز أمام الشركات العربية في تطبيق مسؤوليتها، ويمكن تلخيص هذه المعوقات في عدم تواجد موظفين مؤهلين لقدر الكافي للقيام لمساهمة في تنزيل برامج المسؤولية الاجتماعية على أرض الواقع نظرا لنقص المعلومات لديهم بهذا الخصوص، زيادة على الثقافة العربية الأصلية المدافعة عن القيم الأبوية التقليدية، التي تقلل من الأداء الاقتصادي والتي تركز السلطة في أيدي أصحاب العمل لذلك تعمل هذه الثقافة على قمع تطور الحركات والتفاعلات بين مختلف الجهات المعنية وخاصة النفقات كما تعرقل بحكم الواقع فرص الحوار الاجتماعي. وعطفا على ما سبق فإن تفعيل المسؤولية الاجتماعية على الصعيد العربي تواجهه الهشاشة المالية والهيكلة البشرية للشركات ؛ نظرا لكون المقاولات الصغيرة والمتوسطة هي السائدة بنسبة كبيرة ، ولطبع فإن الضعف الذي تعانيه هذه المقاولات لا يجعلها تفكر في إدخال أساليب جديدة على إداراتها بشكل جدي ومن ثم التخطيط بدل الحدس. كذلك فإن موضوع تكوين أرباب المقاولات والعمال حول مفهوم المسؤولية الاجتماعية لا يؤخذ بالجدية المطلوبة من قبل السلطات بشكل عام.
كما يشيربعض القادة إلى أن قواعد قانون الأعمال تشير إلى مبدأ أن هدف المقاولة هو تحقيق أقصى قدر من الأرباح لتحقيق رضا المساهمين الذين يتحملون بمفردهم الأخطار الناجمة عن الإفلاس. ومن الناحية العلمية يرفض رجال الأعمال تقديم التزامهم الطوعي تجاه المسؤولية الاجتماعية على أساس أنهم يحتاجون أولا للتركيز على الجوانب الاقتصادية للتصدي للمنافسة الشرسة التي تتميز بها الأسواق التي يعملون فيها. ومجمل القول هو أن رجال الأعمال يرفضون الاندماج في المسؤولية الاجتماعية للمقاولة على أساس ما يلي:
- المسؤولية الاجتماعية هي مرادفة للتكاليف الإضافية.
- لا يتوقعون منها أي فائدة أو عوائد مربحة.
- نقص الموارد المالية.
- – ليست ذات أولوية.
- عدم توفر الوقت المخصص لها.
- المسؤولية الاجتماعية تخص الشركات الكبرى والمتعددة الجنسيات .
إضافة إلى ما ذكر فإن العديد من الشركات تعتبر المسؤولية الاجتماعية مجرد أعمال خيرية.وقد ذهب أحد الباحثين إلى تقسيم المعوقات التي تحول دون ممارسة المؤسسات لأداء دورها الاجتماعي كما يجب، إلى معوقات إدارية ومعوقات قانونية ومعوقات مالية. فعلى المستوى الإداري نجد نقص الخبرة لدى العاملين بالشركات بخصوص الأمور الاجتماعية والأخلاقية؛ وضعف الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية، الذي هو في الواقع مرتبط بفلسفة الإدارة العليا تجاه المجتمع و البيئة المحيطة، وضعف الاهتمام ببرامج المسؤولية الاجتماعية؛ وعدم وجود اتصال فاعل من قبل الإدارات مع الجمهور .
إضافة لما سبق لخص الباحث أسباب تدني التزام قادة المقاولات المغربية والعربية بالمسؤولية الاجتماعية في حقيقة ما يعتقدون، كون هذه المسؤولية هي مرادفة في المقام الأول لزيادة التكلفة، والحال أن المقاولة مطالبة لعمل والكفاح من أجل الحفاظ على قدرمن التنافسية تضمن لها استمرارية إلى أبعد مدى.
وعلى المستوى القانوني يمكن الحديث عن غياب تواجد دستور اجتماعي أخلاقي داخل منظمات الأعمال، كما هو الشأن لدى كبرت الشركات العالمية، زدة على عدم احترام الأنظمة القانونية والتشريعات المحلية في سبيل تحقيق المكاسب المادية؛ وعدم وجود سياسية اجتماعية أخلاقية، التي هي وظيفة من وظائف التخطيط الاستراتيجي؛ والتي يمكن أن تشجع المقاولات على لزوم الأعمال المشمولة لقيم. في حين تتمثل العوائق المالية في كون أن هدف بعض الشركات ينحصر في تحقيق الأرباح فقط دون الأخذ لاعتبار الجوانب الاجتماعية؛ كما أنه يسود هناك اعتقاد لدى قادة الأعمال على أن الاهتمام للمسؤولية الاجتماعية يؤدي حتما إلى ضعف وانخفاض الأرباح المالية للشركات، كما يسجل هناك صعوبة التوفيق بين الربح كهدف أساسي لنسبة للشركات وانفتاحها على المستوى الاجتماعي.
ومن بين الأسباب التي تعيق تفعيل المسؤولية الاجتماعية على الصعيد العربي بشكل عام والمغربي بشكل خاص هناك ضعف التشريعات المتعلقة لمسؤولية الاجتماعية، فقد تم صياغة العديد من التشريعات المتعلقة لمسؤولية الاجتماعية إلا أن تلك التشريعات تبقى غير ملزمة. وقد عمد الإتحاد العام لمقاولات المغرب إلى طرح ميثاق المسؤولية الاجتماعية للشركات تناول مبادئ المسؤولية الاجتماعية الأساسية من احترام حقوق الإنسان والتحسين المستمر لظروف التشغيل والعمل والعلاقات المهنية، وحماية البيئة، وتفادي الرشوة، واحترام قواعد المنافسة الشريفة، وتعزيز حكامة وشفافية المقاولة، واحترام حقوق الزئن والمستهلكين، وتشجيع المسؤولية الاجتماعية للمزودين المباشرين والغير المباشرين، وتنمية الالتزام المجتمعي.و من الأسباب كذلك ضعف ثقافة المقاولات في المساهمة في القضايا الاجتماعية والبيئية بحيث تختلف هذه الثقافة من مقاولة إلى أخرى لنظر إلى الموروث الثقافي لدى مؤسسيها على اعتبار أن ثقافة المقاولة تكون عادة مستنبطة من ثقافة صاحبها وما له من قيم ومعتقدات، كما أن قلة الاهتمام للمحاسبة على المسؤولية الاجتماعية من طرف المنظمات النقابية يعتبر سببا محورا في ضعف التزام المقاولة ذا المسؤولية الطوعية. بحيث يبقى من أدوارها دفع المقاولات إلى القيام با المسؤولية المجتمعية، بيد أن الواقع يوضح ضعف اهتمام النقات المهنية ذا الموضوع مما يسبب تدني اهتمام المقاولات بمسؤوليتها المجتمعية
نتائج البحث
– أظھرت الدراسة تزاید الاھتمام بالمسؤولیة الاجتماعیة للشركات في مختلف البلدان وأصبح لھا الأولویة من حیث تحویل الشركات إلى شركاء في التنمیة المستدامة.
– تحمل المقاولات لمسؤولیاتھا یحقق العدید من الفوائد للمجتمع المحلي والشركات معا.
– لا زال ھناك غموض وعدم درایة كافیة من جانب كل الأفراد والمجتمع العربي ككل بمفھوم المسؤولیة الاجتماعیة للشركات وأبعادھا ومدى تطورھا وكذلك بمدى فعالیتھا وكیفیة بلورتھا والإفادة منھا.
التوصیات
لتفعیل مبدأ المسؤولیة الاجتماعیة أوصى الباحث بما یلي:
- تنمیة خبرات العاملین وتحفیزھم على الإبداع والاعتماد على الذات من خلال إیفاد البعض منھم لحجور المؤتمرات والدورات المتعلقة بالتخصصات التي ینتمون إلیھا.
- العمل على استقطاب خبراء في المیدان من اجل تعزیز قدرات العاملین.
- تشجیع السلوكیات صدیقة البیئة من قبل الموظفین، وذلك عبر الترویج للتوعیة بأھمیة الحفاظ على الماء والكھرباء والمواد الاستھلاكیة، واستخدام أدوات موفرة للماء والكھرباء والمحافظة على كل الموارد.
- قیام الجھات المعنیة بتنظیم دورات تدریبیة وندوات لصقل الخبرات في مجال المسؤولیة الاجتماعیة للمقاولات.
*مقاولة باللهجة المغربية ،يقصد بها مشروع أوشركة صغيرة
محمد القواق ورقة عمل بعنوان : دور المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تدعيم إستراتيجية التنمية المستدامة مقدمة للمؤتمر الدولي الثالث عشر حول:– الواقع والرهانات- يومي 14 و 15 نوفمبر 2016.