فسيرى الله عملكم
بقلم: نورة الكوهجي
مزعج أن يفسّر الكثير من الناس حبّ الإنسان لعمله وعطائه اللا محدود للقضايا والمبادئ التي يتبناها أنها “اشتطاط” و “حماس” منه، –والإشتطاط هو المبالغة في العمل والشعور – ومزعج أكثر عندما يطلق هذا المصطلح و مشتقاته على عمل أو وظيفة أساسية للشخص، يكون الإتقان فيها واجبًا وليس تكرّمًا أبدًا.. هذا ما تعلمناه.
أجد أنني لا أحبذ استخدام هذه المصطلحات، ولا أقول ذلك لسوء معناها بالعكس، فهي قد تُستخدم بشكل جيّد في مواضع معينة، ولكن مؤسف أننا لا نسمعها إلّا في تشبيهات لا تمتّ للواقع بصلة، خصوصًا عندما تطلق على الشخص المنجز في عمله.
ذلك ما جعلني أفكّر..
لماذا يختار الإنسان العمل داخل مناطق الراحة في حين أنّ الراحة الحقيقية تكون في البذل، والبذل الكثير، وأن الإحساس بالتعب بعد كلّ إنجاز قدّمه على أكمل وجه هو راحة بحدّ ذاته، وأن تقديم الأعمال بهدف التفرّغ من المسؤوليات يحوّل الناس إلى “آلات” تعمل من أجل صنع ما بُرمجت عليه، ولا تستطيع تطوير عملها لأنها”جماد“ فمن الطبيعي أن تبقى على ذلك..
وِلمَ نختار أن نكون كذلك وقد خلقنا الله {في أحسن تقويم}، وسخّر لنا الأرض والجبال كي نمثّل دورنا الحقيقي في أن نكون خلفاءً في الأرض، نعمّرها بإتقان كما خلقها الله {صنع الله الذي أتقن كلّ شي}، وننشر الخير حتى يعمّ أرجاءها.
أعجبت كثيرًا بشخصية الأستاذ أحمد الشقيري ومبدأ الإحسان الذي تبناه مع السعي لتحقيقه في العالم عن طريق نشر مفهومه بين الناس، فالإحسان يكمن في كلّ عمل يقدمه الإنسان باختلاف حجمه إن كان بقدر ذرةٍ أو كوكب.
أصبحت أؤمن كثيرًا أن هذا الإحسان الذي نقدمه هو لله أولًا، ثمّ لأنفسنا وليس لأحد آخر كما يظنّ البعض، اتباعًا لقوله تعالى: {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}، ومراتبه بالطبع تختلف من شخص إلى آخر..
لا تستطيع أن تقيّم عملي إن وصل إلى مرتبة الإحسان،
ولا أستطيع أن أقيّم عملك، “فكلّ ميسّر لما خلق له“.
ولكن..
افسح لي المجال كي أعمل
كما أحب، وكما يحبّ الجميع، وكما تحبّ أنت كذلك
لا ترسم خطوطًا حمراء كثيرة، ولا دوائر
العالم أوسع من ذلك..
قلبك كذلك واسع جدًا.. لمَ تضيّقه؟
ختامًا..
“وقل اعملوا..
فسيرى الله عملكم.”