مسؤولية العمل الصالح
سعادة الدكتور عادل المرزوقي
نائب رئيس مجلس إدارة الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية
يقول الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ الجاثية آية15، فمدلول هذه الآية الكريمة هو الاستقامة، والاستقامة مرتبطة بالعمل الصالح، وهو الإئتمار بما أمر الله به، والانتهاء عما نهى عنه. فماذا يحمل المسلم على أن يكون مستقيما في مجتمعه أو ما الذي يدفعه إلى سلوك طريق الاستقامة ؟
إنه الايمان، فكلما ارتقى المسلم بإيمانه كلما استقام في أفعاله قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ سورة فصلت آية 30.
إن عظمة هذا الدين (الإسلام) تكمن في حثه على العمل، تكمن في ضرورة تطبيقه تطبيقا سليما في الحياة من خلال التعامل به روحا ومعنى ومبنى.
فالفرد المستقيم تتحدث أعماله وأفعاله وأخلاقه عنه قبل أقواله، يُرى أثر ذلك في سلوكه مع الآخرين من خلال الصدق في التعامل، واحترام الناس، والسعي في خدمتهم، والبعد عما يضرهم أو يسبب لهم الأذى الجسدي أو النفسي. فهذا الإنسان تشرب روح الإسلام ومعانيه في نفسه.
لذلك جاءت الأوامر الإلهية في العبادات والمعاملات من خلال الطاعة والعمل. بمعنى أنه لا يكفي أن نقرأ فنسلّم الأمر هكذا، بل نقرأ ونفهم ومن ثم نطبق ما قرأناه عملا وفعلا واقعا على أنفسنا أولا قبل الآخرين.
وهكذا فإن العمل الصالح الذي نعنيه هو كل فعل حسن لا يخالف أوامر الله، يتقرب به المسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، ويتمسك بتلك المبادئ، ويعكسها من خلال سلوكه وأفعاله المسؤولة تجاه مجتمعه.
فالأعمال الصالحة عندما تنعكس سلوكا عند الفرد، فإن آثارها تنعكس مباشرة على المجتمع، فتؤتي ثمارها، وإلا فإن خلاف العمل الصالح والتطاول على الناس وأكل حقوقهم لها عواقب سلبية، وآثار وخيمة في مجتمع يخلو من المسؤولية، ويكثر فيه سلوك الأنانية والمصالح الفردية بغض النظر عن سلامتها تجاه الآخرين.
فعندما يكون الفرد مسؤولاً عن نفسه وسلوكه تجاه الآخرين، بذلك يكون مدركاً بأن ما يحصل في حياته هو نتيجة قراراته وأعماله، وبالتالي سيصبح أكثر حذراً وحرصاً عند اتّخاذه لأيّ قرار يكون متعلقا بعمله، وسيحرص كل الحرص على أنه يتلافى العواقب والأمور السلبية التي قد تكون نتيجة لأعماله، وهذا ما تعنيه الاستقامة المتعلقة بالإيمان.