المسؤولية الاجتماعية للشركات تجاه المجتمع.. منحة أم حق؟
اعداد الدكتور يعقوب محمد بني هذيل
الامين العام للمنظمة الدولية للمسؤولية المجتمعية – امريكا
تطوَرَ مفهوم المسؤولية الاجتماعية.. ولم يعد أداؤها قاصرا على جهة دون أخرى.. بل أصبحت مسؤولية تكاملية بين القطاعين الحكومي والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، فالأول معني بتوفير المعلومات المطلوبة للشركات، وتحفيزها على العمل في مجال خدمة المجتمع, وذلك بتقديم التسهيلات اللازمة لها لتنفذ برامجها الاجتماعية ، والقطاع الخاص مسؤوليته الاجتماعية تتمثل في تجاوبه مع مؤسسات خدمة المجتمع لتحقيق أهداف تنموية مجتمعية مستدامة, والمساهمة في استقرار المجتمعات.
ترسيخ المفهوم
ضرورة تعميق وتأصيل وترسيخ مفهوم المسؤولية الاجتماعية وتحفيز قطاع الأعمال على تبني برامج منظمة في خدمة المجتمع، وتبني مشروع وطني لخدمة المجتمع يقوم بتنفيذه القطاع الخاص تحت مفهوم المسؤولية الاجتماعية..
إن تقييم شركات القطاع الخاص لم يعد يعتمد على حساب ربحيتها فحسب، فقد ظهرت مفاهيم حديثة تساعد على إيجاد بيئة عمل قادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة في الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية والإدارية عبر أنحاء العالم، مشيرين إلى ضرورة توسيع نشاطاتها لتشمل ما هو أكثر من النشاطات الإنتاجية، مثل هموم المجتمع والبيئة، وضرورة الأخذ بعين الاعتبار الأضلاع الثلاثة للتنمية المستدامة وهي النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة.
محاور استراتيجية
إن المسؤولية المجتمعية للشركات أصبحت أحد العوامل الجوهرية التي تؤثر على أداء المنشآت، ، حيث إن العلاقة بين البيئة الاجتماعية التي تعمل فيها المنشأة، وتأثير المنشأة على البيئة الطبيعية أصبحا جزءا هاما في قياس أداء هذه المنشأة، وقدرتها على الاستمرار في العمل بشكل مؤثر، مما يعكس بشكل خاص أهمية الاعتراف بالحاجة الملحة والمتزايدة للعمل على ضمان وجود أنظمة اقتصادية بيئية وصحية ومساواة مجتمعية وحوكمة مؤسسية..
إن تزايد وعي المنشآت حول العالم وكذلك الأطراف المعنية بأهمية السلوك المجتمعي المسؤول في ظل ظهور التفسيرات المتنوعة الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية، فإنها وفق المواصفة القياسية المتفق عليها عالميا, هي المساعدة في تحقيق منظور ومفهوم عام لمبادئها بهدف المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة ورفاهية المجتمع..
إن تبني رؤية خاصة بأداء المسؤولية الاجتماعية للمنشأة العامة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على سمعتها، وقدرتها على جذب العمال أو الأعضاء أو كليهما، والمحافظة على معنويات الموظفين الانتاجية العالية، كما أنها قد تؤثر في رأي المستثمرين والمجتمع المالي في قدرة المنشأة على جذب العملاء أو المستهلكين أو الأعضاء أو المستخدمين، بالإضافة إلى علاقة المنشأة بالحكومة والإعلام ومموليها وبالمنشآت المناظرة والمستهلكين والمجتمع الذي تعمل فيه المنشأة الهام للمواصفة القياسية الدولية كدليل إرشادي يتضمن مبادئ المسـؤولية الاجتماعية الأساسية، وكذلك طرق تطبيقها داخل المنشأة، لافتا إلى أن هذه المواصفة تعد قابلة للتطبيق في كافة أنواع المنشآت بغض النظر عن حجمها أو موقعها بما في ذلك الحكومية منها وغير الحكومية وكذلك المنشآت التجارية حيث إن لكل منشأة تأثيرا على المجتمع والبيئة.
تطوير الأداء
أن هذه المواصفة وضعت لمساعدة المنشأة في تحقيق الثقة المتبادلة بينها وبين الأطراف المعنية عن طريق تطوير أدائها المتعلق بالمسؤولية الاجتماعية، ولا تطبق هذه المواصفة على الرغم من ذلك في المنشآت الحكومية التي تمارس السلطات التشريعية والقضائية على أن استخدام المواصفة القياسية هو استخدام تطوعي، كما أنه لا يقصد منها أغراض منح الشهادات أو الاستخدام التنظيمي أو التعاقدي أو إزالة حواجز التعرفة الجمركية المفروضة على التجارة، كما لا تغير هذه المواصفة من أي التزامات قانونية للمنشأة التي تتبناها.. وأن تشجع كل منشأة لتصبح ذات مسؤولية مجتمعية أكبر عن طريق استخدام هذه المواصفات القياسية, والترابط مع الأطراف المعنية, والامتثال للقوانين الوطنية المطبقة, واحترام مبادئ المعاهدات المعترف بها دوليا وغيرها من المواثيق الدولية الرسمية.. وأن هذه المواصفات الدولية تسعى إلى تحقيق تكامل السلوك الاجتماعي المسؤول داخل الإستراتيجيات والنظم والممارسات والعمليات المؤسسية الموجودة وتأكيد نتائج وتطورات الأداء
اهمية تفعيل المبادرات
إننا ندعو الجميع إلى تفعيل محاور المبادرات الاجتماعية، حتى يتم تفعيل دور الشركات في المحاور الأخرى بنفس الفعالية وبنفس الكفاءة، لابد أولا من إيجاد البنية التحتية التي ينبغي أن يمهدها القطاع العام في شكل أنظمة ولوائح وتشريعات تنظم وتسهل على الشركات إطلاق مبادراتهم في مناخ صحي منظم وشفاف يشجع ويحفز جميع الشركات بكافة فئاتها على تفعيل برامجها في المسؤولية الاجتماعية وتسخير جهودها وإمكانياتها ولو بأضعف الإيمان
وانني اقترح أن يتحقق القطاع العام من الواقع والمعلن منعا للادعاءات الإعلانية، والتأكد من تخصيص موازنة خاصة بتلك المبادرات، والتأكد من أن الشركات المبادرة في برامج المسؤولية الاجتماعية تراعي في ممارسات نشاطاتها الاقتصادية والتجارية والصناعية بالتحديد, حماية البيئة والمستهلك والممارسات العادلة مع عمالها وموظفيها, وأن أي إخلال في تلك النواحي يقلل من شأن المبادرات الاجتماعية مهما كانت مفيدة، وطالبت الشركة بالشفافية والإفصاح عما تخصصه لبرامج المسؤولية الاجتماعية.
تسهيلات البرامج
ونحث القطاع العام على توفير التسهيلات والخدمات التي تحتاجها الشركات الخاصة لإطلاق برامجها الاجتماعية بيسر وسهولة مثل:
- توفير المعلومات والإحصاءات والتراخيص والحصول على الموافقات التي قد تقف عائقا في كثير من الأحيان أمام تنفيذ المبادرة،
- تنسيق الجهود وإيجاد التكامل بينها ,
- منع التكرار وتشجيع المبادرات المبتكرة ومكافأتها معنويا،
- التأكيد على الشركات بضرورة إشراك شباب المجتمع في مبادراتهم وبرامجهم لتشجيع العمل التطوعي
- ترسيخ وتوجيه مفهوم التطوع في خدمة المجتمع.
وهنا يجب أن نفرق بين دعم العمل الخيري ودعم الأهداف التنموية التي تسعى لتحقيقها منظمات المجتمع المدني.. وأن قيام الشركات بدورها تجاه المسؤولية الاجتماعية يضمن إلى حد كبير دعم جميع أفراد المجتمع لأهدافها ورسالتها التنموية والاعتراف بوجودها، والمساهمة في إنجاح أهدافها وفق ما خطط له، وأيضا تساهم في سد احتياجات المجتمع ومتطلباته الحياتية والمعيشية الضرورية..